الرياض تحتضن المعرفة

معرض الكتاب من الجامعة وإليها

 

لو أراد باحث أو كاتب أن يعرف مدى تطور أي بلد، فلا بد أن يعرج في بحثه، إلى بقاع المعرفة فيها، ليتعرف على جامعاتها ومعاهدها ومكتباتها، وأيضا فعالياتها المتعلقة بالكتب، مثل الندوات والمعارض المحلية والدولية، ومن ثم يستطيع من خلال بحثه أخذ صورة شاملة عن مدى تقدم البلد وانفتاحه. 

يمثل معرض الرياض الدولي للكتاب دلالة عميقة على التطور المطرد للمملكة العربية السعودية، ليس على مستوى ونوع وكم المعروض من الكتب فحسب، لكن من خلال الاحتشاد السنوي لطالبي الكتب ومحبي الاطلاع، وأيضا من خلال كم الفعاليات وتنوعها لأصحاب مختلف المشارب والمآرب. ومنذ قيام النسخة الأولى في 1976م، بمشاركة 120 دارًا من دول العالم المختلفة، وحتى دورة هذا العام 2023، ارتفع عدد الدور إلى ما يقارب السبعة عشر ضعفًا، إذ بلغ عددها هذا العام 1800 دار من أكثر من 32 دولة على امتداد 800 جناح. وإن كان لذلك من دلالة، فهو الخطوات الثابتة التي تخطوها المملكة في طريق إشاعة المعرفة والتبادل الثقافي بين شعوب ودول العالم.

ويعود معرض هذا العام إلى جامعة الملك سعود “جامعة الرياض سابقاً” التي استضافت وأشرفت على أول معرض دولي يقام على مستوى السعودية عام 1976، وعدد من دورات التي تلته.

نظرة تاريخية

قبل أن ينتظم معرض الرياض الدولي للكتاب، نُظّمت العديد من المعارض ذات الطابع المحلي، وفي إطار محدود في الجامعات وغيرها، بحسب المؤرخين الذين وثقوا تاريخ الأدب والثقافة والنشر في المملكة. وفي غرة شهر صفر من العام 1397هـ الموافق 14 يناير 1978م، استضافت جامعة الرياض “جامعة الملك سعود” البداية الفعلية لمعرض الرياض الدولي للكتاب بشراكة مع دار المريخ للنشر، وهو أول معرض دولي للكتاب تشهده المملكة.

وجدير بالذكر، أن إقامة أول دار سعودية خاصة بالكتب، قد سبقتها دعوات متواصلة من المثقفين السعوديين، ومن ذلك ما ذكره الأديب عمران العمران في 23 ذي الحجة من عام 1376هـ في مقاله المنشور بصحيفة اليمامة بعنوان “إلى وزارة المعارف: متى تنشأ دار الكتب السعودية”، وتمنى فيها من وزارة المعارف أن تتولى هذه المهمة، وتوجت الدعوات بإنشاء دار الكتب السعودية في حي الملز بالرياض.

فعاليات المعرض 

أما على مستوى الفعاليات فذلك شأن آخر، يذكر الكاتب السوداني كمال الجزولي، في مقال له، كتبه بعد دعوته لحضور المعرض في العام 2010 مع كوكبة من المثقفين والمبدعين السودانيين، وصف فيه مدى الانفتاح الثقافي في الفعاليات المصاحبة، ويتضمن برنامج فعاليات هذا العام أكثر من 200 فعالية: ندوات حوارية، وأمسيات شعرية، وورش عمل، إلى جانب فعاليات في ثقافة الطفل، وعروض مسرحية سعودية ودولية، وحفلات موسيقية وغنائية، مع استضافة عدد من المفكرين والمؤلفين في مختلف المجالات عبر فعالية “حديث الكتاب”.

عمان ضيف شرف وفرنسا في الرياض

فعاليات معرض الرياض لهذا العام منفتحة على ثقافات العالم القريبة والبعيدة، بمشاركة سلطنة عمان كضيف شرف إضافة إلى مبادرة “الرياض تقرأ الفرنسية”، التي تعتبر مشاركة نوعية هذا العام.

فبعد استضافة جمهورية تونس كضيف شرف لمعرض الرياض الدولي للكتاب للعام الماضي، بمشاركة 16 دار نشر تونسية، ومن قبلها دولة العراق في العام قبل الماضي، تشارك هذا العام سلطنة عُمان كضيف شرف تعميقا للتجاور الثقافي بين البلدين وتعزيزا لعرى الأخوة الشعبية منذ الأزل. وتتضمن مشاركة سلطنة عمان جناحًا رئيسًا يحوي كُتبًا ومخطوطات، إضافة إلى حضور عدد من رموز الثقافة العمانية، ومشاركة دُوْرِ نشرٍ عُمانية تستعرض آخر الإصدارات والعناوين.

وتشارك هذا العام ما يزيد على 70 دار نشر فرنسية عبر مبادرة “الرياض تقرأ الفرنسية”، إضافة إلى عرض خاص لمخطوطات ومقتنيات نادرة يفوق عددها 25 قطعة. 

تعد زيارة معارض الكتب نوعا من السياحة النوعية، إذ تجتذب مجتمع القراء وطالبي المعرفة من داخل المملكة وخارجها، على مدى أيام تهفو إليها قلوب القراء كلَّ عام؛ إضافة إلى أنها فرصة للتعرف على مختلف الثقافات وأحدث ما وصلت إليه المعرفة البشرية في مختلف المجالات.

شارك المقال مع أصدقائك
صناعة المحتوى

وخيال الشِّعْر يرتاد الثريا

ما الشِّعْر؟ سؤالٌ حير الشِّعْراءَ والغاوين.. لكن فلنتخيل كيف سيكون العالم إذا لم يكتشف الإنسان وجوده في خوافي نفسه البعيدة؟ لربما كان عصياً التعبير عن المشاعر والأفكار بعيدة الغور والخفيّة، ولربما لم نشهد تطور المعرفة البشرية على هذا النحو المطرد. ولأن الخيال اللغوي هو مادة الشِّعْر الأولى، ولأن “اللغة هي بيت الوجود” وحاملة الفكر والعلم

اقرأ المقال >>
الدبلوماسية الثقافية

هل تُمكّن الملاعب دهشة اللغة؟

الضحكة التي ملأتنا بعد صفارة الحكم في أستاد لوسيل لم تكن لأجلِ الفوز ذاته فقط، بل للفرحة التي انتشرت كالبرق من الدوحة حتى جبل طارق بفوز منتخبنا السعودي والمغربي، الفرحة التي رقصَ معها العالم العربي بهتافات عربية واحدة؛ ملأت البيوت ضحكاتٍ ودهشة لا تسعها وحدها.. ضجيج الهوية الذي صاح به فوز المونديال أعاد لنا أملا..

اقرأ المقال >>
22Asset 3

اشترك معنا لتصلك أحدث المقالات

Scroll to Top