بريطانيا “عظيمة” عنوان لحملة إستراتيجية دولية ضخمة!

هل سبق وأن لاحظت تكرار كلمة Great في البرامج والمسابقات البريطانية؟ لنتعرف على أضخم الحملات الحكومية.

 

احتكرت المملكة المتحدة في السنواتِ الماضية مكانها ضمن أقوى خمس دول حسب التقارير التحليلية للقوة الناعمة، وسنتناول في هذه المقالة التصور الإستراتيجي الذي جعل هذه الحملة مرتكزةً على تحوير قواها الناعمة بصورة فعالة لتخدم ترويجها للدولة.

بدايةً.. ماذا نعني بـ “قوة ناعمة”؟
تتلخص القوة الناعمة في كونها عرضًا لنموذجٍ شاملٍ جاذبٍ لثقافة الدولة، وصدى القيم والمبادئ فيها، والمصداقية في الالتزام بها. وتعني باختصار تعزيز صورة الدولة بقولبة خواصها التي تتميز بها في قالبٍ بارزٍ لينشأ لدى العالم تطلعٌ وفضولٌ مستمرٌ لمعرفة المزيد عن الدولة كونها النموذج الجدير أن يحتذى به ومصدر الإلهام الأبرز ثقافيًا وفكريًا.

مفهوم حملة “بريطانيا عظيمة” وانطلاقتها
كانت بداية حملة “بريطانيا عظيمة” (GREAT BRITAIN) عام 2012 معزّزة حضور المملكة المتحدة على الساحة العالمية، وذلك للاستفادة من الاهتمام الذي حظيت به المملكة المتحدة حول دورة الألعاب الأولمبية وأولمبياد المعاقين في لندن وحدث يوبيل الملكة الماسي. وتستعرضُ هذه الحملة أفضل ما في المملكة المتحدة من موارد ثقافية وفكرية وغيرها على العالم أجمع، وذلك لتسلط الضوء على قصص الأشخاص والأماكن التي تميّز الدولة في المشهد الثقافي والفكري. ابتداءً من النجاحات الشجاعة والتقاليد النبيلة، إلى وجهات النظر الجديدة التي تتحدى العقبات وتحفز التقدم.

ماهو سيرُ عملِ حملة “بريطانيا عظيمة”؟
يكمن هدف الحملة الأساسي في جمع جوانب بريطانيا الفريدة ولفت نظر العالم إليها بتوجيه مشاعرهم وأفكارهم إلى جانب مدهش مختلف لبريطانيا وإرثها وحضارتها وتاريخها وحاضرها ومستقبلها. ومن خلال الجمع بين حملات متفرقة سابقة تديرها جهات حكومية مختلفة، خلقت حملة “بريطانيا عظيمة” صوتًا واضحًا مميزًا للمملكة المتحدة إلى العالم.

هويّة موحّدة
هنا يأتي التكتيك الترويجي، ففي هذه الحملة وُحدت الهويّة بمسمى (GREAT) أي “عظيمة”، ليلفت ذلك نظر الجميع أن هذه الصفة مقترنة ببريطانيا. فإن كان الحدث ثقافيًا ستكون هويّته: “الثقافة عظيمة” وإن كان تقنيًا فستصبح “التقنية عظيمة”..إلخ. لذا التزم سيرُ الحملة على نمط اتصالي جاذب جمع اسم الدولة الرسمي “بريطانيا العُظمى”، ورسخ في ذهن المتلقي بأن كل ما هو متعلق ببريطانيا فهو على مقامٍ عالٍ من الفخامة والعظمة. وتكميلًا لذلك اعتُمدت هُوية بصرية عُممت لمنتجات الحملة وشركائها لترسخ لدى الجميع رمزية الحملة بكلمة “عظيمة” بارزة مُذيّلة تحت أي مجال ومسمى.

شراكات إستراتيجية
تعتبر الشراكة جوهر حملة “بريطانيا عظيمة”، ومما يساعد على الترويج لأفضل ما في المملكة المتحد مشاركة المئات من المنظمات البريطانية من جميع القطاعات فيها، فمن أهم العناصر لنجاح هذه الحملة أن اختيرَ أقوى الشركاء ليسهموا في تعزيزها وإرساخها وترويجها. وقد جعلت الحملة ضمن ركيزتها الأساسية “الشراكات الإستراتيجية” لتكون الحملة مظلةً أساسيةً تحتضن أنشطة جميع الجهات البريطانية الثلاث: الحكومية، والخاصة، وغير الربحية للوصول إلى هدف مشترك. وقد انضمت للحملة العديد من الجهات البريطانية لتكون واجهة للحملة، ومن أبرزهم علامات شهيرة مثل: المجلس الثقافي البريطاني، بيربري، إستون مارتن، مكلارين.. وأكثر!

إذًا.. ما علاقة الحملة بالقوة الناعِمة؟
ما زالت حملة “بريطانيا عظيمة” تتطور محققةً إنجازات عديدةً بنموٍ متسارع، لتضعَ بصمتها في ١٤٤ دولة – أي أكثر من ٧٠٪ من دول العالم – و ٣٠٠ مدينة من شنغهاي شرقًا حتى سان فرانسيسكو غربًا ومن كوبنهاجن الدنماركية شمالًا حتى كيب تاون الأفريقية جنوبًا. فماذا يعني هذا بالنسبة إلى القوة الناعمة؟ يعني ذلك أن الحملة منذ انطلاقها استغلت حدثًا وطنيًا في اليوبيل الماسي للملكة والألعاب الأولمبية لجذب الناس لزيارة الدولة والاستثمارِ فيها وحتى الدراسة في مؤسساتها التعليمية واستمرت في استغلال أي مظهرٍ وطنيّ بارز، لذا كان الأثر المرجو بعدما استخدمت مواردها ووحدت جهودها بين القطاعات للنمو بالبلاد على جميع الأصعدة.

ختامًــا ..
هذه الحملة هي برهانٌ لكون القوة الناعمة ثروةٌ متعددة الجوانب، كونها تُعزز الحضور في المشهد العالميّ وتضيف للاقتصاد الوطني ومعدلات النمو وتعاون كافة مؤسسات وأفراد الدولة، ناهيكَ عن إبرازها للزخم التاريخي والثقافي للدولة.

شارك المقال مع أصدقائك
الدبلوماسية الثقافية

هل تُمكّن الملاعب دهشة اللغة؟

الضحكة التي ملأتنا بعد صفارة الحكم في أستاد لوسيل لم تكن لأجلِ الفوز ذاته فقط، بل للفرحة التي انتشرت كالبرق من الدوحة حتى جبل طارق بفوز منتخبنا السعودي والمغربي، الفرحة التي رقصَ معها العالم العربي بهتافات عربية واحدة؛ ملأت البيوت ضحكاتٍ ودهشة لا تسعها وحدها.. ضجيج الهوية الذي صاح به فوز المونديال أعاد لنا أملا..

اقرأ المقال >>
صناعة المحتوى

وخيال الشِّعْر يرتاد الثريا

ما الشِّعْر؟ سؤالٌ حير الشِّعْراءَ والغاوين.. لكن فلنتخيل كيف سيكون العالم إذا لم يكتشف الإنسان وجوده في خوافي نفسه البعيدة؟ لربما كان عصياً التعبير عن المشاعر والأفكار بعيدة الغور والخفيّة، ولربما لم نشهد تطور المعرفة البشرية على هذا النحو المطرد. ولأن الخيال اللغوي هو مادة الشِّعْر الأولى، ولأن “اللغة هي بيت الوجود” وحاملة الفكر والعلم

اقرأ المقال >>
22Asset 3

اشترك معنا لتصلك أحدث المقالات

Scroll to Top